Monday, August 31, 2009

المتشرد الخارق

كيف وصلت الأمور لهذه الدرجة كيف تطورت من حادثة بسيطة إلي تلك النهاية المفجعة أنه أمر غريب ذلك الذي حدث لي ظهر فجأة في حياتي ثم تطور ببطيء ومن حيث لم أحتسب أحدث تغيير عظيم في حياتي من لاشي تغيير كل شيء

لاأعتقد أنه كان بمقدوري أن أتوقع ما حدث ولا أن أفهمه فهو حدث فجأة علي حين غفلة مني ولكني ما زلت علي قيد الحياة وهذه نعمة أصبحت أحمد الإله الذي وهبني غريزة البقاء فلولاها لكنت قد مت وتعفنت منذ زمن بعيد في أحد الأزقة الخلفية لأحدي المدن التي أفترشت طرقاتها حين من الدهر

أحيانا أشعر أنني غير موجود بالمرة وكأن الزمن قد توقف وكأنني قد بعثت إنسانا أخر غير الذي عاش من قبل لم يتبقي لي شيء يربطني بالماضي غير بعض الأسماء التي ما زلت أذكرها وأشك أحيانا في وجودها بالرغم من الضعف الشديد الذي أعانيه إلا أنني أصبحت أشعر أنني حي أكثر من ذي قبل أشعر للحياة حلاوة لم أستشعرها من قبل في كل شروق وغروب في كل ساعة أنامها في كل وجب أتناولها أشياء بسيطة للغاية أصبحت تسعد قلبي برغم سوء الحال وصعوبة الحياة إلا أنني سعيد

لقد وهبنا الله الحياة كمنحة مجانية لم يبذل أيا منا أي مجهود علي الإطلاق من أجل أن يخلق أو أن يكون له وجود في هذا العالم ولكنه أوجب علينا أن نحافظ عليها قدر ما أستطعنا وغرس بداخلنا حبها لكي يكون ذلك حافز لنا من أجل الإبقاء عليها

المستقبل مجهول تماما بالنسبة لي أراه كسواد حالك لا يمكنني أن أري أي شيء منه فيما مضي كنت أستطيع أن أتوقع ما قد يحدث لي وما هي التطورات التي قد تطرأ علي حياتي خلال فترة معينة من الزمن أضع إحتمالاتي وقياسا علي واقعي أرصد النتائج وأحدد أي الإحتمالات أقوي ولماذا ولكنني الأن لا يمكنني معرفة ما قد يحدث لي غدا أو الشهر القادم أو العام القادم في نهاية اليوم أحمد الله أنني ما زلت حيا أرزق ثم أرقد سويعات قليلة ثم ما ألبث أن أبدء كفاحي الجديد مع الحياة من أجل الحياة إيضا

ربما كان سر إستمتاعي بحياتي الجديدة هو أنني لا أستطيع أن أتوقع ما قد تحمله لي غدا هذا الغموض السري الذي يلفها هذا البريق الشهي الذي يحيطها برغم الألام والأحزان المضنية التي لا قبل لمثلي بها فأنا مستمتع بها ولا أعلم إلي الأن سبب مقنع لهذا الإستمتاع وهذه السعادة فكل ما أمتلك هو إحتمالات وبعض الأفكار المشتته المشردة وبعض الأحزان و الأحداث والأهوال التي شاهدتها وكنت شاهدا عليها لحظي التعيس ومازلت غير قادر علي نسيانها ما زلت أشباح الماضي توقظني لتذكرني بماضي قديم كنت أظنه قد مات أظني أن أرثي الوحيد هو قصة حياتي المليئة بالأمال والأحلام والأحزان والكوارث والإنهيارات

ما زلت لا أفهم لماذا تغدر بنا الأيام فجأة ودون سابق إنذار لنجد أنفسنا ندفع ثمن أخطاء لم نرتكبها تموت بداخلنا خلايا الحياة وتولد خلايا الموت مع إننا ما زلنا أحياء هل هذا هو النضج أن تموت فينا أحب الأشياء إلي قلوبنا أن نري أنفسنا تغتال أمام أعيننا أن نفقد براءتنا يوما وراء يوم أن نفقد عذريتنا الطفولية ونستبدلها بأقنعة وحوش وأخلاق أبالسة

إختيارتي الأن محدودة إما أن أموت حيا أو أحيا ميتا أما أن أحيا وألعن في كل يوم السبب الذي أبقاني علي قيد الحياة إلي الأن أو أن أبقي حيا بداخلي جزء ميت أحيا نصف حياة أظنني قد أخترت الإختيار الثاني فملعونة تلك الحياة التي توهب لي بالموت فلأحمل الموت بداخلي فلربما يسيطر علي يوما ما وأموت وقد حافظت علي حياتي كما هي كما أردتها أن تكون وحينها لن يبقي مني غير أرثي الوحيد